“مــات جــاري أمــس مــن الجــوع
وفــي عــزائــه ذبحــوا كــل الخــراف ”
( علي شريعتي )

البـذخ و الأســراف و التبــذیــر فـي المـآتـم..

تــراهــم یتســابقــون علـی هــذا التبــذیــر و یقــدمــون الأطعمــة المختلــة یتســابقــون و هــم مفتخــریــن بــذلــك رغــم الفقــر الــذي یعیشــه أغلبهــم و إذا سئلتــه لمــاذا تتحمــل کــل هــذه المخــارج و الأســراف یــرد علیــك أنــه مجــد أبــائــي و أجــدادي و هـل تــریـد أن یهجــونــي النــاس أو ینــالــوا مـن قبیلتــي ؟!! تتعجــب مــن هــذه الأفعــال و تــذهلـك الــردود و التــوجیهــات أکثــر…دعــك مــن هــذا الأســراف فــي المــآتــم و أرجــع قلیــلاً إلــی زمــن لیــس ببعیــد ؛ ربمـا کــان المتــوفــی یشکــو مــن مــرض صعــب العــلاج و لیــس مستحیــل العــلاج و یحتـاج إلــی بعــض الأمــوال لعــلاجــه حیــث لایجــد سبیــلاً للحصــول علیــها فبقــی یهــدّأ نفســه ببعــض المهــدئــات و تــارة یصــارع المــرض إلــی أن یتغلّــب علیــه هــذا الــداء و یــردیــه میتــاً …

لمــاذا لــم یهتــموا أهلــه و ذویــه و قبیلتــه لعــلاجــه و ربمّــا لـم یکلفهــم هــذا المقــدار حیــث یستــارعــون الیــه الیــوم لینــالـوا إعجــاب النــاس لکــي یمــدحهــم أحــد الشعــراء المتملقیــن فــي قصیــدة أو أرجــوزة و یـأخــذ علیهــا المــال و یــذبحــون و یطبخــون و قبــل أیــام قلیلــة ربمــا کــانـت عــائلــة المتــوفــی تحــن إلــی الشبــع و لقمــة العیـش!!مــا رأیکــم أیهــا المثقفــون أیهــا الملتــزمـون ؟هــل أنــزل الله آیــة بهــذا الأمـر ؟

(يَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ)

هــل ذکــرت الفــاتحــة و الــولائــم و الأربعیـن و الطبــخ و النفــخ فــي هــذه الآیــة؟؟هــل تــروي کـتــب الحــدیــث ، سنــداً أو یــذکــر التــاریــخ سنــةً بهــذه الظــاهــرة؟الــم یسمعــوا قــول النبــي محمــد صلـی الله علیــه و آلــه و سلــم یقـول:

( أحـبُّ النـاسِ إلـى الله تعـالـى أنفعُهـم للنـّاس،
وأحـبّ الأعمـال إلـى الله سـرورٌ يـدخِلـه إلـى مسلـمٍ أو يكشِـف عنـه كـربـةً أو تقضـِي عنـه دينـاً أو تطـرُد عنـه جـوعــاً ) أي عقــل إنســانــي یــرضـی بــأن تمتلــئ کــروشــاً کــالبهیمــة همهــا بطنهــا و بجــانبهــم عــوائــل مــن لاعهــد لهــم بالشبــع ، و کــم مــن فتــی و فتــاة یطــوفهــم قطــار الــزواج و کــل مشکلتهــم تــوفیــر المهــر و تــأثیـث بیــت للعیــش الــشرعــي و العمــل بـسنــة الــزواج ؟ و کــم و کــم …لا أریــد إحصــاء بعــض العــراقیــل التــي بــأمکــانهــا أن تــزاح بمسـاعــدة بعــض المتــمولیــن و إزاحــة بعـض الظــواهــر و العــادات السیئــة کــالتــي ذکـرتهــا فــي صــدر المقــال ؟؟ لمــاذا نفتخــر بــالــریــاء و نطمــع بــالمـدیــح و کــل مـا حــولنــا مـن فقــر نعیشـــه یهجــونـا و یشتمنــا !!هــذا حــاتــم الطــائــي الــذي خلّــد أسمــه بــالجـود و الکــرم ، مــاذا یقــول عــن العطــاء الصحیــح بـالـرغـم مــن أنـه عــاش قبـل الإســلام یقــول: 

فلو كان ما يعطي ريـاء لأمسكتْ
بــهِ جنبــات اللــوم، يجذبنه جذبا

ولكـنّمــا يبغـــي بــــهِ الله وحــــده،
فأعْطِ،فقد أرْبحتَ،في البيعة،الكَسْبا

لمــاذا یبقــی الأنســان الفقیــر و المــریـض و المحتــاج مهمــلاً علــی أرصفــة الحیــاة ، هــذا الأنســان الــذي کــرمــه الله مــن دون أستثنــاء :
( وَ لَقَدْ کَرَّمْنا بَني آدَمَ )– هــل لا بــدّ أن تمــوت حتّــی یعــرفــون فضلـك و يــذکــرونــك بــإحتــرام ؟ ..بــالأمـس کــان مهمــل یصعـب علیــه ثمــن الــدواء و بعــد ممــاتــه فــاضــت المحــابــر و الحنــاجــر بــالــود المتــأخــر و المــدیـح الــذي لا یسمــن و لا یغنــي عــن جــوع !! وكــأن المـوت شــرط رضــی الأحبــاب و الأقــارب علیــك ،أنَّ هکــذا نفــوس تشبــه المقبــرة التــي لا تحــب و لا تتقبّــل و لا تحتضــن إلا المــوتــی فقــط !!يــالهــا مــن نفــوس مــوحشــة و کــاذبــة و مخــادعــة و منــافقــة و بعیــدة عــن کــل القیــم الإنســانیـة ..و لــذلــك سخِــر مــن هــذه الظــاهــرة ” علــي شــريعتـي ” و قــال مقــولتــه المشهـــورة :

“مــات جـــاري أمــس مــن الجــوع
وفــي عـــزائــه ذبحــوا كـــل الخـــراف !!
بقلـــمـ:
احمـــ العتيقـي ـــد

#

اشتراک این خبر در :