إقترب عيد الفطر المبارك، العيد الذي يبشر بالفرح والأخوة والصداقة والحب و الحنان. فیه تتبادل التحيات والتبريكات. يوم ميمون ومبارك، ينتظره الجميع.
فأطفال شعبنا العربي الأهوازي و اطفال الأمة العربية، قبل الكبار يعدون ويحسبون الأيام والساعات لقدومه.في هذا اليوم السعيد يلبس الناس من رجال ونساء ، شيبة و شباب وطاعني في السن ،فتيان و فتيات و اطفال صغار ملابسهم الجديدة، فالصغار قبل الكبار يؤدون واجب الزيارات. وفي أغلب الأحيان يكونون برفقة ابويهم أو الكبار من اسرتهم، قاصدين الأهل والأقارب والأصدقاء مقدمين أحلى و اجمل التهاني والتبريكات. فرحين بهذا اليوم العظيم والبهيج.في هذا اليوم غالبا ما، تترك الخصال الذميمة وتظهر الخصال الحميدة التي يتحلى بها الإنسان وهي تظهر في أعماله و أفعاله وأقواله وتصرفاته بشكل جلي.فالإنسان في هذا اليوم، يظهر أمام الناس بصفة انسان متسامح وكريم ومحسن وصادق في أقواله وأعماله. يسعى أن يترك الغضب والتصرفات السيئة. وإن صدر عمل سيئ منه في هذا اليوم، سرعان ما نراه يتراجع من فعلته النكراء ويسعى جاهدا لإصلاح أخطاءه . 

برأيكم هل هذا يكون كافياً في ردم الهوة والنقيصة الموجودة في داخله وكيانه؟
برأيي لا. وإن كانت تعد خطوة إيجابية في تهذيب الأخلاق و تزكية النفس.
إذن حريا بنا في كل عيد نقف ونعيد النظر في أعمالنا السابقة ونسترجع تصرفاتنا الماضية و نلقي عليها نظرة نقدية بنائة تخلص إلى صفوة الأخلاق الإنسانية و الأعمال الخيرية و التصرفات التي يسودها العقل والحكمة.حريا بنا في هذا الشهر الفضيل ونحن في آخر أيامه التي تعتبر آخر عتباته المباركة، أن نقف متأملين الأيام واﻷشهر التي مرت علينا ومضت من عمرنا كي نتساءل من أنفسنا، يا ترى هل حملت هذه الأيام والأشهر الماضية نفعاً لنا ولﻵخرين؟ أم ذهبت شقيا وهدرا وباطلا لاسمح الله. دعونا نتساءل من أنفسنا ماذا قدمنا من خدمة للإنسان و الانسانية في هذه الأيام والأشهر المنصرمه. هل كانت أيامنا الماضية حافلة بالجد والجهد والعطاء وإصلاح النفس.

وإذا كان الآخرون من اﻷقارب والأصدقاء واﻷحبة ،يصنفوننا من جماعة الغضب والتعنت و يصفوننا بعصبي المزاج وسريعي الأنفعال وسيئ المعاملة.هل قمنا برفع هذه الشبهة من وجودنا و من خلال إصلاح أنفسنا وحتى من خلال القيام بتقليل الأخلاق المنبوذة والمنسوبة الينا والتي تعتبر نقصا للإنسان وآفة تنخر جسد وعقل كل إنسان شريف.و هل أصبحنا خفيفي الدم كما يقال في لغتنا الشعبية.عند ما كنا نتشاجر و نتنازع ونتناحر ونتقاتل بتفاخر على اتفه وابسط وابخس و أرخص أسباب وعلل.و نجيش الجيوش من أهلنا من أجل أخذ اﻷنتقام من أبناء جلدتنا، هل فكرنا بعواقب هذه الصراعات و السجالات والحزازات وهل قمنا بتقديم مبادرات لحل هذه المشكلات التي تفضي إلى الضغينة والكراهية؟و هل فكرنا ما هي الثمرة التي نجنيها ونقطفها جراء هذا السلوك وما هي الحصيلة؟ .يا ترى هل الإنتماءات الطائفية و القبلية والمذهبية تجرنا إلى هذا النفق المظلم و من ثم ترمينا في الهاوية، أم هنالك شيطان داخلي ناجم عن العنجهية والغطرسة والإعجاب في النفس و الغرور الشخصي ،يدفعنا الى التمسك بتلك اﻷخلاق و الصفات و المعاملة التي ذكرناها أعلاه.

إذن حريا بنا أن نجعل أيامنا هذه، مدرسة لتعليم وتثقيف وتزكية أنفسنا أولا ومن يعز علينا ثانياً و نخلق ونصنع منها سلما ومصعدا للمجد والعلى والسلم والسلام والوئام والمحبة والأخوة.و لنقم كل منا بزيادة هذه الأيام نصاعة وصفاء من خلال حسن تعاملنا مع الآخرين وخاصة الضعفاء والمضطهدين والكادحين و المحرومين منهم ومن أجل بناء مستقبل زاهر ينعم فيه جميع أهلنا وأبناء وبنات شعبنا.
فإن كانت أيامنا قبل العيد وايامنا بعد العيد سواسية ، فلاخير في ذلك. ولاننسى قول نبينا محمد صلى الله عليه و آله حين قال : ” من تساوى يوماه فهو مغبون”
فهذا العيد اقترب و لنعتبر أوراق أعمالنا بيضاء في هذا العيد . فالمفروض علينا أن نمﻷ أوراق حساباتنا خيرا وخدمة صالحة لافي شهر رمضان فقط بل في جميع الشهور.فليقم كل فرد منا بالعمل النافع للناس وبالجهد الجهيد و المستمر حاملا فيه نتائجا مثمرة لنفسه و لأبناء جلدته ولشعبه يضمن فيه ً رضاء الخالق و المخلوق. وبعيداً عن الشرور والأطماع الفردية والحيوانية. وليمد كل منا يد العون والمساعدة لمن يحتاج الإعانة. فعند ذلك سيكون عيدنا، عيدا يسعد فيه الجميع إن شاء الله

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته وكل عام وانتم بالف الف خير وأعاد الله هذا العيد المقبل، علينا وعليكم باليمن والخير والبركات والأفراح. إنه سميع مجيب.

الدكتور جاسم اﻷسدي

#

اشتراک این خبر در :