أيام المدرسة كان لي صديق إسمه حازم، بعد مرحلة الثانوية، تفرقنا وكُلٌّ منا إنهمك بعملٍ ما وإختار لنفسه مَسْلَكَاً في الحياة.

مضت الشهور والأيام و لم تَتَسَّنَ لي فرصة اللقاء بصديقي حازم، شيئاً فشيئاً إبْتَعَدَتْ المسافات بيننا وجعلتني أنسى العلاقة الوطيدة بيننا…

ذات يوم كنت أتجول في أحد الشوارع و فجأة رأيت صديقي حازما…
يا الله..كم سُرِرْت برؤيته و إنتابني فرح ما بعده فرح.

تجددت أمامي ذكريات المدرسة وحَدّقَتْ بي روعة تلك الأيام التي قضيتها مع صديقي حازم.
تعانقنا وكان العناق بيننا يتطاير منه شرارات عتاب ولوم على الزمان.
رحبّ بي أيما ترحيب وعبّر عن شوقه وسروره من لقائي.

بالقرب من الملتقى كانت حديقة جميلة، مطلة على نهر كارون، ذهبنا هناك وأخذنا نتحدث عن تلك البرهة التي كانت تحتضننا بكل وِدٍّ
وصداقة وإخاء.

قلت لصديقي حازم حدثني عن عملك، ماذا تفعل الآن؟
قال:
سألتني سؤالاً ذا شجون ولكن أجيبك بإختصار.

  أنا الآن أعمل في شركة الغاز ولله الحمد راضٍ عن عملي ولكن مررت بظروف معيشية بالغة الصعوبة وبالتالي خلصني الله منها.

بعد الزواج بذلت كل ما بوسعي للحصول على فرصة عمل ولكن محاولاتي لم تُثمر وبائت بالفشل.

البطالة وتداعياتها و صحبة أصدقاء السوء جعلتني أن أتورط ببيع المخدرات.
مارست هذا العمل التافه والسخيف والمدمر لأبناء شعبي ووطني إلى بضع سنين،
كِدت أن القي بنفسي إلى متاهات لا طائل من ورائها سوى التضييع والإنحطاط.

مرت الأيام وأنا أزداد سوءً وضياعاً. وفي يوم من الأيام خرجت من البيت لأشتري بعض الحوائج، دخلت المحل وإنشغلت بشراء ما أحتاجه للبيت وفي هذه الأثناء دخلت إمرأة طاعنة في السن، بخطوات بطيئة، تنم عن تعب صارخ من الحياة.

سألها صاحب المحل
نفس التعبير:

خاله اشوفچ تعبانه
خیر إن شاء الله؟!

إنفجرت بالبكاء قائلةً له:
إنت هم مثل اوليدي
عندي هذا إبني رضا، حطم عيشتي والله.
طايح ابمرض المخدرات وكل يوم عندي مشكلة معاه
اوما اعرف شنهو الحل.

واصَلَتْ حديثها بمقولة صدمتني وهزت ضميري وكياني:

الله لا يرضى علی ذولي الذي ايبيعون مخدرات، هُمَّه دمّرو حیاة إبني.

ما إن طَرَقَتْ مسامعي هذه الكلمات إلا وقد ضاقت علي الدنيا بما رحُبَتْ، عُدت إلى البيت وقد أنهكني الهم والتعب والحزن.

منذ تلك الساعة عاهدت نفسي أن أترك بيع المخدرات وأخذت أبحث عن فرصة عمل، ولله الحمد بالتالي أثمرت جهودي  وحصلت على هذا العمل الذي أنا فيه ولكن لا يزال صوت بكاء تلك الأم يرّن في أذني وكلما أردت أن أتخلص منه ما استطعت ذلك.

مجاهد زرگاني

اشتراک این خبر در :