كان المسجد محتشداً بالناس إلى أقصى درجة،تتوافد الحشود من شتى نقاط المحافظة . وصل الجثمان إلى محل الفاتحة،أُقیمت صلاة الميت ومن ثم ساروا بالجنازة نحو المقبرة.

إنْغَلَقَ الطريق العام بسبب كثرة الناس،المقبرة تبعد عن القرية أكثر من كيلومترين،المشيّعون مصرون  على أن يسيروا بالجنازة مشياً على الأقدام .

إكتظ الطريق بتلك الجموع الغفيرة،إنشلت حركة السير،مجموعة من المشيّعين انشغلوا بالأهازيج والأشعار {الهوسات} التي فحواها يتعلق بتمجيد الميت وأهله .

هناك رجل ينادي بأعلى صوته،إفتحوا الطريق رعاكم الله،والدي حالته سيئة،لابد أن اُوصله للمستشفىٰ، أرجوكم إرحمونا .

ولكن غوغاء المراسم حجبت صوته ولم تلق كلماته اهتماماً من قبل المشيعين،هذه القضية لفتت إنتباه بعض الناس، وفي نهاية المطاف بإصرار بعضهم تم فتح الطريق له .

دُفِنَ الميت ورجع الناس إلى المسجد، اعتلى المنبر خطيباً مفوهاً، تميزت موضوعاته بالتغيير والتجديد في الخطاب الديني والمذهبي .

ولكن اين الآذان الصاغية لكلامه؟!
أُهملت كلماته الثمينة وتلاشى تأثيرها ولم يعيرُ الحاضرون لها أيَّ جدٍ واهتمام .

سكت قليلاً ثم قال لهم:

بالله عليكم
لو الآن طُرِحَ علي أن أقرأ زيان الفاتحة على حضراتكم، هل أحد منكم تفوه بكلمة واحدة أم خيم عليكم الصمت والسكوت

لماذا أصبحنا نقدس الخرافة وموروثاتنا الباطلة ولم نهتم بما هو نافع لرقي شعبنا وسعادة مجتمعنا..؟!

ما أروع كلام ذاك الحكيم عندما قال:

لا تبيعوا الحكمة على غير أهلها فتظلموها ولا تمنعوها من أهلها فتظلموهم .

_ مجاهد الزرگانی …

اشتراک این خبر در :