أمجــد و محمّــد یلعبــون فــــي الشّـــارع.لــم یتجــاوزا الخــامســـة مــن عمــرهمــا.تــربطهمــا صــداقــة الطفــولـــة البـــریئـــة ، لأنّ بیتــي أهلهمــا متلاصقـــان.أمجـــد مـــن عــائلــة متــوسطــة الحـــال و تحضــی بـــرفاهیــةٍ نسبیّـــةٍ..أمُـــا محمّــد فقـــد والــده أثــر حـــادث سیـــر و هــو جنیـــنٌ فـــي بطــن أمّـــه حـیث کــان الطّــفل الســادس لأبــویـــه..نـــادی السیـــّد موســـی أبنــه أمجـــد و قـــال لــزوجتـــه أن تصلـــح مــلابسـه و حـــالــه حتّـــی یـــذهـب بــه الــی ســـوق الفـــلاحیــة لیجــلب لـــهُ مـــلابـس العیـــد کعــــادتـــه فـــي کـــلّ سنــــة..رکــض أمجـــد و الفــــرحـــة تملـــؤُ وجهـــه عنـــدما عـــرف سبــب منـــاداة أبیــــه لـــه..بقـــی محمّـــد لـــوحـــده حـــزینــاً یـــرســـم بعـــود خشبتـــه علـــی الأرض المتـــربـــة أحـــلام طفـــولــة واضعـــاً رأســــه بیـــن رکبتیـــه..ربّمـــا کـــان حـــزنـــهُ بسبــب فقــــدان صـــدیق لعبــه و بقـــی وحیــداً لایجــــد مـــن یلعــب معـــهُ أو ربّمـــا تحسّـــر علـــی کلمــة ( یا ولدي ) عنـــدما سمعهـــا مـــن السیــّد مـــوســی  منـــادیـــاً بهــــا أمجـــد ، ولاکـــنّ محمّـــد لــم یسمعهـــا قــط فـــي حیـــاتــه..لـــم یبـقَ لحلــولِ العیـــدِ إلا یـــومـــان..رجـــع أمجـــد و هـــو مــــرتـــدیـــاً ملابســـهِ الـــزاهیـــة..و یتبختـــر بهـــم أمـــام أطفـــال الشــارع..نظـــرَ لـــه محمّـــد و أراد أن یلمـــس ملابـــس صـــدیقــه.ولکــن واجـــه الــــردَّ بالمخـالفـــة مـــن أمجـــد خـــوفـــاً منــــه أن تتّســخ مـــلابســــه بـــأیــــدي محمّـــد المتـــربتــین…دمـعت عینـــي محمّـــد و أراد أن یـــرکــض نحـــو بیتـــه لیشکـــي الحـــال إلـــی أمّـــه الحـــزینــة ، تلـــک المـــرأة التـــي تـمثـّل جبـــلاً مـــن الصّبـــر و حفظــت مـــاء وجههـــا و صـــانت عـــرضهـــا بـــالـــرغم مـــن أحتیــاجهـــا و إحتیـــاج أیتــامهـــا..جـــری هـــذا المشهـــد و أبــوأمجــــد واقـــف ینظــــر لطفلــه العـــائــد بمـــلابســـهِ الجـــدیـــدة و صــدیقـــه محمّــــد الیتیـــم..فجئـــةً رأی دمــــوعـــهُ تبلّـل لحیتـــه..نـــادی بصـــوتٍ کلّــهُ رأفــــة و رحمـــــة:ولــــدي محمّــــد.!

إستغــــرب محمّــــد هــــذا الصـــوت و هــــذه الـکلمـــة الغیــــر معتــــاد علیهــــا..التــفت یمینـــاً و شمـــالاً و إلـــی الخـــلف ، ظنـــاً منـــهُ المقصـــود بهــــا غیــــره..لـــم یــــری أحــــداً

تکــــرّر الصـــوت:

ولــــدي محمّــــد..!!

أغســــل یــــدیـــک و ألحَـقنـــي بســــرعة یـــا عــزیـــزي..

غســــل یــــدیــــهِ المتـــربتیـــن و عــــادَ مســـرعــــاً:

نعـــم یـــا عمّــــاه..

أخــــذ بیــــده السیّـــد مـــوســــی ..عــــادَ بعـــد نصــــف ســــاعــــة..کـــــلّ شیــــئٍ تغیّــیر فــــي مظهــــر محمّــــدمــــلابســــهِ لـــــم تعــــود متقطّعــــة و لا بالیــــة أو فـــاقـــدة الألــوانعــــادَ و هـــوَ یــــرتــــدي مــــلابـــسٍ زاهیــــة الألــــوان و بهیـــة المنظــــر..کـــلّ شیــــئٍ فــــي الشــــارع صـــار یبــشر بــــالعیـــد السعیـــد ..حتّــــی مــــلابس محمّــــد الیتیـــم و ضحکتـــه و أغنیتـــــه..

( عیــــدکم مبــــارک و أیــــامـــکم سعیــــدة )

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

بقــلــمـــ :

احمــــ العتیقي ـــــــد

اشتراک این خبر در :